في إطار فهم استراتيجيات التعليم المبنية على المعنى الوجودي للحياة، يتطلب الأمر تحليلًا دقيقًا للإطار النظري الذي يدعم هذه الاستراتيجيات. يرتبط الإطار النظري بالقدرة على استكشاف وتعليم الطلاب كيفية إيجاد مغزى وهدف في حياتهم، مما يسهم في تعزيز صحتهم النفسية والروحية. 

كما أظهرت الدراسات أن الروحانية تُعتبر فئة واسعة تشمل كيف يختبر الأشخاص المعنى والهدف في حياتهم، وهذا يتماشى مع أحكام (Ali et al., 2015)، التي تشير إلى صعوبة تصوّر الاحتياجات الروحية وفهم علاقتها بالاحتياجات الدينية. إن وجود إطار نظري قوي يعزز من فعالية التعلم الوجودي، مما يتطلب من الباحثين والممارسين في هذا المجال استكشاف آليات جديدة لاستيعاب هذه المفاهيم، كما تسلط (Gold et al., 2011) الضوء على أهمية استخدام التفكير الاستنباطي في تطوير استراتيجيات تعليمية تلبي التحديات الحقيقية التي يواجهها الطلاب في سعيهم لتحقيق ذواتهم وفهم وجودهم.

تعتبر الفلسفة الوجودية من الأدوات القوية التي تعيد تشكيل الفهم التعليمي من خلال التركيز على الفرد وتجربته الشخصية. تسلط الوجودية الضوء على أهمية الوعي الذاتي، حيث يعتبرالوعي الذاتي خطوة أساسية نحو تحقيق الشخص لذاته في عالم معقد يتسم بالمعايير النمطية والضغوط الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، يجسد مفهوم الوجودية في التعليم فكرة وجودية متمثلة في إعادة الإنسان إلى مجتمعه على نحو يدعم شخصيته الفردية (Lieb et al., 2015) وذلك من خلال تأكيد احترام الشخص ككائن فريد، يتمكن المعلمون من دمج استراتيجيات تعليمية تعزز من تجربة التعلم الذاتية، مما يمكّن الطلاب من تطوير فكر نقدي ومبادئ خاصة بهم. وفي هذا الإطار، يتضح أن الفلسفة الوجودية ليست فقط فلسفة شخصية، بل هي استراتيجية تعليمية تساهم في تشكيل مجتمع يقدر الوهج الإنساني المتنوع، مما يضفي معنى أعمق للفرد في سياق التعليم.

تتجاوز استراتيجيات دمج المعنى الوجودي في ممارسات التعليم مجرد تقديم المعلومات النظرية، حيث تسعى إلى تمكين الطلاب من فهم الغرض من تعلمهم وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياتهم بشكل شامل. يُظهر البحث أن الوعي بالمعنى الوجودي يعزز من قدرة الطلاب على التكامل مع رأس المال الفكري، مما يؤدي إلى تحسين الأداء الأكاديمي والابتكار في التفكير. يجب أن تتضمن استراتيجيات التعليم الحديثة تقنيات تسهم في تعزيز الشعور بالمعنى، مثل التعليم القائم على المشاريع أو التعلم التعاوني الذي يُحدث تفاعلاً حراً. كما إن "التعليم هو الركيزة الأساسية والسبيل الوحيد لنهضة الأمم وتقدمها ونؤمن تماماً بضرورة تضافر كافة الجهود لتحقيق ذلك الهدف وعدم اقتصار المسؤولية على الدولة فقط وإنما تمتد لتشمل المجتمع بالكامل من الأسرة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

ويبرز أهمية دور المجتمع في تعزيز هذه الاستراتيجيات، حيث يُعتبر التعليم وتضافر الجهود من الركائز الأساسية لنجاح هذه المبادرات. وبذلك، يجب على المؤسسات التعليمية التركيز على تصميم مناهج تعزز من هذه القيم الوجودية لضمان تجربة تعليمية مُلهِمة وفعالة.

تتطلب التطبيقات العملية استراتيجيات واضحة تعزز من تجربة التعلم وتتناسب مع الاحتياجات الروحية والفكرية للطلاب. من خلال فهم الأبعاد الوجودية للمعنى في الحياة، ويمكن للمعلمين الاستفادة من فكرة الاستدلال الاستنباطي الذي يعززه، مما يسمح للطلاب بالتفاعل مع المشكلات الحياتية المعقدة بشكل أفضل. يتطلب ذلك دمج عناصر من التعليم القائم على المشاركة، حيث يشارك الطلاب في تجارب تعلم فعلية ويتبادلون الأفكار بطريقة تساهم في تطوير قدراتهم الفكرية والروحية.