التجربة اليابانية في تعليم أطفال التوحد (هيجاشي) التعلم من خلال الحياة اليومية

 

التعليم من خلال الحياة اليومية
 Daily Life Thearpy at the Boston Higashi, DLT :
برنامج ياباني أنشأته الدكتورة كيتاهارا (Kitashara) في مدينة طوكيو عام 1964 وتعني كلمة هيجاشي (Higashi) باليابانية (الأمل)

       تنبثق سياسة واجراءات مدرسة هيقاشي من فلسفة علاج الحياة اليومية Daily Life Therapy  والتي طورتها الدكتورة كيّيو كيتاهارا عام 1964 في العاصمة اليابانية طوكيو. وكانت الدكتورة كيتاهارا تعلّم أطفالا غير معاقين في مرحلة رياض الأطفال، وبعد عدد من السنوات، انضم إلى فصلها طفل من ذوي التوحد فشرعت في تعليمه. وتدريجياً، فقدت اهتمامها بالأطفال غير المعاقين وعملت على تطوير برنامج تربوي للأشخاص من ذوي التوحد في اليابان.

يقوم البرنامج في فحواه على وجود علاقة بين جسم الطفل وعقله وروحه وأساليب التدريس اليابانية التي ترتكز على التعلم باستخدام المجموعات والتقليل من الاعتماد على التعلم الفردي.

يهدف البرنامج إلى العمل على استقرار انفعالات ومشاعر الأطفال التوحديين وخلق توازن في جمع مجالات حياة الطفل إضافة إلى العمل على تطوير قدرته العقلية والتفكير المنطقي والقدرة على إتباع التعليمات من خلال تطوير مهارات محددة.



وهناك ثلاثة مبادىء أساسية لبرنامجها وهي:

1-   العمل على استقرار وتوازن المشاعر لدى الأشخاص ذوي التوحد وتدريبهم على اكتساب مهارات الاعتماد على الذات مما يكسبهم الثقة بأنفسهم ويمكنّهم من العيش دون مساعدة.

    2- العمل على تطوير واتباع ما يسمى (نغمة إيقاع الحياة) Rhythm of Life  من خلال تدريبات رياضية مكثفة.

    3-  العمل على تنشيط العمليات الذهنية والمهارات الإدراكية.

       وقد لقي هذا البرنامج اهتماما واضحا واكتسب شهرة دولية. ونظرا لهذا الإقبال وطلب أولياء أمور الأطفال ذوي التوحد افتتاح برامجها في بلاد أخرى غير اليابان، تم افتتاح فرع من مدرسة هيقاشي في عام 1987 في ولاية بوستون في الولايات المتحدة الأمريكية.

وساعد افتتاح البرنامج في الولايات المتحدة الأمريكية على تطوره بشكل كبير حيث يستفيد من هذا البرنامج إضافة للأطفال التوحديين الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية الشاملة وتبلغ نسبة عدد المعلمين إلى الطلبة (1 : 6 ) في الصفوف الأمريكية و(1 : 3) في صفوف الموسيقى والفن والعلاج الطبيعي ومستخدماً منحنى تحليل السلوك التطبيقي ومن خلال:

أ ـ استخدام إجراءات التلقين والإخفاء يفي تعلم المهارات الجديدة.

ب ـ التقليل من السلوك غير المرغوب فيه باستخدام الإطفاء والتعزيز التفاضلي للسلوك البديل.

سياسة قبول التلاميذ:

يقبل الأطفال الذين لديهم توحد (أو اضطرابات نمائية شاملة أخرى) ممن تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و 12 سنة. وفي بعض الحالات، قد يقبل الطفل إلى عمر 16 سنة إن اجتمعت لديه متطلبات أساسية مثل اللغة ودرجة ذكاء مرتفعة. ويظل الأطفال ضمن البرنامج إلى أن يبلغو عمر 22 سنة. ووفق ما ذكره البعض لاتوجد معلومات عن درجة ذكاء التلاميذ الملتحقين بالبرنامج، إلا أن إجراءات القبول صعبة بعض الشيء حيث يتعين على أهل الطفل تصوير شريط فيديو للطفل، وتعبئة بيانات متعددة ومقابلة الأسرة شخصياً.

مبادىء وطرق التعلم لدي هيجاشي:

1- الرياضة البدنية: 

تعتبر الرياضة البدنية ركنا أساسيا للبرنامج، وقد تستغرق ما بين 30 دقيقة إلى ساعتين ونصف الساعة موزعة على فترات متقطعة يوميا لكل تلميذ. وهذا مبني على إفتراض أنه عندما يمارس الفرد رياضة بدنية شديدة، يفرز الجسم كيماويات عصبية تسمى الاندورفين والتي تخفض من نسبة التوتر والحركات النمطية التي غالبا ما تظهر على الأشخاص التوحديين. يتعلم التلاميذ السباحة، وقيادة الدراجة، والتزلج عل مزلجة بعجلات، والتوازن. هذا بالإضافة إلى أنواع أخرى من الرياضة تعرف بـ رياضة هيقاشي والأوضاع الجسدية البدائية والمتقدمة نشرحها بشكل مختصر فيما يلي:



أ-رياضة هيجاشي

وهي عبارة عن سلسلة منظمة من الحركات تتبع إيقاع نغمات موسيقية.

ب-الأوضاع الجسدية البدائية والمتقدمة Basic Advanced Postures: 

عند التحاقهم بالمدرسة، يقوم المربون بتدريب التلاميذ على اتخاذ أوضاع بدنية معينة حينما يطلب منهم ذلك وفي أي وقت خلال اليوم. فعندما يقول المربي كلمة انتباه على سبيل المثال فإن هذا يعني أن التلميذ يجب أن يقف وقدماه متقاربتان جنبا إلى جنب ويداه على جنبيه، وعندما يقول كلمة راحة ينبغي على التلميذ أن يتخذ وضعا بدنيا مرتخيا نوعا ما حيث تكون قدماه مبتعدتان بعض الشيء إحداهما عن الأخرى وأن يضع يديه خلف ظهره. وتعني كلمة انتظار أن يجلس التلميذ على كرسي ويرفع ركبتيه إلى صدره ويضمها بيديه. ويفترض أن هذه الأوضاع الجسدية تساعد التلاميذ على اتباع الأوامر وتنظم عملية التعليم.

2-  الانتقال والتنظيم

يعتبر الانتقال والتنظيم من نشاط إلى آخر أو مكان إلى آخر مهمة صعبة على الأشخاص ذوي التوحد. وبالتالي، هناك عدة طرق متبعة في مدارس هيقاشي لمساعدة التلاميذ على الانتقال. وأول هذه الطرق هي أن جميع التلاميذ في مدرسة هيقاشي يبدّلون ملابسهم الاعتيادية بالزي المدرسي لهيقاشي مما يفترض أن يساعدهم ذلك على الانتقال من الأنشطة الاعتيادية إلى أنشطة المدرسة (حيث يفهمون من خلال الزي المدرسي أنه حان وقت الأنشطة الدراسية). كما أن الجداول تستخدم بكثرة، فلكل تلميذ جدوله الخاص والذي يوضح من خلال الصور أو الكلمات (أو كلتيهما) كل ما يقوم به خلال يومه الدراسي، ويسمى هذا الجدول الأساسي. ويقوم المعلم بمراجعة هذا الجدول عدة مرات يوميا مع تلاميذ الفصل ليذكرهم ما هي الأنشطة التي تم انجازها، وما هي الأنشطة التي ما زال عليهم القيام بها. هذا بالإضافة إلى أن المعلم يقوم بكتابة خطة تحضير الدرس على اللوح مما يوضح خطوات العمل والأدوات المستخدمة وما هو المطلوب إنجازه في كل درس من دروس مدرسة هيقاشي. ومثل هذا الإجراء يتطلب تحضيرا مسبقا من قبل المعلم، وبهذا تصبح الدروس أكثر تنظيما ووضوحا للتلاميذ. وإضافة إلى الزي المدرسي والجداول وكتابة خطوات الدرس على اللوح، يقوم المعلم بإجراءات إضافية لتوضيح البداية والنهاية لكل درس أو نشاط يقوم به التلميذ. عند إنتهاء درس الحساب على سبيل المثال، يقف التلاميذ ويتخذون الوضع الجسدي لكلمة انتباه بعد تفّوه المعلم بالكلمة. ثم يقول المعلم انتهى درس الحساب ويجيب التلاميذ شكرا. وعند بداية النشاط يقول المعلم هل أنتم مستعدون لدرس (القراءة أو الرياضة أو غيرهما من الدروس) فيجيب التلاميذ بـ نعم.

3-  الموضوعات الخاصة:  

تعتبر الموضوعات الخاصة والتي تشمل التربية الفنية والموسيقى من أهم ركائز برنامج هيقاشي. فبالرغم من أن التلاميذ يتلّقون بعض التدريبات على القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم وما إليها، تعطى الموضوعات الخاصة أهمية أكبر. يتعلم جميع التلاميذ الإيقاع الموسيقي والبدني. وأول آلة موسيقية يعزفها التلاميذ هي آلات النقر مثل الطبلة والصنوج Percussion Instrument، ويتبع ذلك آلة الهارمونيكا ليتعلموا النفخ والتنفس (مما يفترض أن يساعدهم على الاسترخاء)، ثم يتعلمون العزف على الكمان للتحكم في حركة اليد والأصابع. ويقوم التلاميذ الذين يبدون موهبة ومقدرة جيدتين في عزف آلات موسيقية بالاشتراك في الأداء مع الفرقة الموسيقية للمدرسة. أما الغناء، فبالإضافة إلى المتعة التي يتيحها للتلميذ، فإنه يعتبر وسيلة تسهّل عليه تعلّم الكلام. وفي ضوء ذلك، يتعلم التلاميذ أغنية جديدة كل شهر ويغنونها بين مجموعة كبيرة.

4-  المهارات الاجتماعية:

بناء على فلسفة البرنامج، يفترض أن الأشخاص ذوي التوحد قادرون على تكوين علاقات إجتماعية وروابط مع الآخرين. يتعلم التلاميذ الروابط الاجتماعية من خلال الممارسة والتكرار حيث ينظم المعلم فرصاً كثيرة تمكنهم من تطبيق وتعميم المهارات الاجتماعية التي يتعلمونها.

5-  إدراك السلوك: 

تتصف الطرق المتبعة لإدراك سلوك التلاميذ بأنها تعتمد على مدخل وقائي يستهدف تعليم الأطفال التحكم الذاتي وتصميم البيئة الدراسية بطريقة تخفض من مستوى توترهم وخوفهم. ويتم ذلك باستخدام الجداول التي توضح البداية والنهاية لكل نشاط، كما توضح الدروس من خلال كتابة خطواتها على لوح الفصل وما إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى إفتراض أن الرياضة البدنية والموسيقى تخفضان أيضا من درجة توتر التلاميذ.

والجدير بالذكر أن التقنيات السلوكية التي تشتمل على أي نوع من العقاب مثل الإقصاء (Time Out) وغيره من أساليب العقاب لا تٌستخدم إطلاقا في برامج هيقاشي. هذا بالإضافة إلى أنه لا يسمح للتلاميذ باستخدام العقاقير الطبية لمعالجة أي من السلوكيات الناتجة عن الإصابة بالتوحد.

·        التدريب المهني: عندما يبلغ التلاميذ من العمر 12 - 13عاما، يبتدىء تدريبهم على مهارات تمكنهم من العمل في وظيفة خارج المدرسة. وبعد حوالي أربع سنوات من التدريب، يحاول المختصون في المراكز إيجاد وظائف للتلاميذ.

وهناك انتقادات كثيرة توجه لمدرسة هيجاشي نستعرض أهمها فيما يلي:

  • إن نتائج الدراسة السالفة تعتبر موضوع تساؤل الكثيرين لأن عدد المجموعة التي شاركت في الدراسة كان قليلا، وبالتالي فهي لاتمثل رأي جميع من شارك أبناؤهم وبناتهم في البرنامج.
  • بعض عناصر المنهج المقدم للتلاميذ ليس لها أساس علمي وأهمها إعطاء التدريب على التربية الفنية والموسيقى أهمية أكبر من أهمية تعليم اللغة والمهارات الاجتماعية.
  • وحيث أن التدريب بأكمله يتم بشكل جماعي، فقد يٌحرم بعض الأطفال من تلقي التدريب على احتياجاتهم الفردية. وبالإضافة إلى ذلك، قد يعيق التعلم الجماعي من تقدم التلاميذ ذوي الأداء المرتفع وذلك لأن عليهم الانتظار إلى أن يتم تعليم باقي التلاميذ في الفصل المهارات المراد تعليمها. وهذا، يضيع عليهم وقت يمكن من خلاله تعلم مهارات أخرى.
  • توجد اختلافات كبيرة بين البيئة التعليمية في مدرسة هيقاشي وبين البيئة الاعتيادية مما قد يؤثر بدرجة كبيرة على أداء الفرد خارج البيئة المدرسية )بالرغم من أنه في منشورات علاج الحياة اليومية أن التعليم في بيئة قريبة من البيئات الطبيعية يعتبر ركنا أساسيا للبرنامج(.

وبالرغم من هذه الانتقادات المتعددة، يظل برنامج الحياة اليومية في مدارس هيقاشي معروفا دوليا وله عدد من المؤيدين ولا سيما من أسر الأشخاص الذين لديهم توحد.


للإطلاع علي فيديو لهذا الموضوع المحاضرة الأولي  1- من هنـــــــــــــــــــــــــــــا   
للإطلاع علي فيديو لهذا الموضوع المحاضرة الأولي  2- من هنـــــــــــــــــــــــــــــا   


للإطلاع علي الموضوع التالي (مركز دوجلاس للتنمية النمائية ) من هنا 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق